فصل: قال في روح البيان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والأول أصح؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تُسْرِفُوا}.
وقال أبو بكر: أنه للمهلة.
فإذا فرغ من غسله وتكفينه ووُضع على سريره واحتمله الرجال على أعناقهم وهي:
فالحكم الإسراع في المشي؛ لقوله عليه السلام: «أسرعوا بالجنازة فإن تَكُ صالحةً فخيرٌ تُقدِّمونها إليه وإن تكن غير ذلك فشرّ تضعونه عن رقابكم» لا كما يفعله اليوم الجهّال في المشي رُويدا، والوقوف بها المرّةَ بعد المرّة، وقراءة القرآن بالألحان إلى ما لا يحل ولا يجوز حسب ما يفعله أهل الديار المصرية بموتاهم.
روى النَّسائي: أخبرنا محمد بن عبدالأعلى قال حدّثنا خالد قال أنبأنا عُيينة بن عبد الرحمن قال حدّثني أبي قال: شَهدت جنازة عبد الرحمن بن سَمُرة وخرج زياد يمشي بين يدي السرير، فجعل رجال من أهل عبد الرحمن ومواليهم يستقبلون السرير ويمشون على أعقابهم ويقولون: رُويدا رُويدا، بارك الله فيكم! فكانوا يَدِبُونَ دبيبا، حتى إذا كنا ببعض طريق المِرْبَد لحقنا أبو بكرة رضي الله عنه على بغلة فلما رأى الذين يصنعون حمل عليهم ببغلته وأهوى إليهم بالسَّوْط فقال: خلوا! فوالذي أكرم وجه أبي القاسم صلى الله عليه وسلم لقد رأيتُنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنها لنكاد نرمُل بها رَمْلًا، فانبسط القومُ.
وروى أبو ماجدة عن ابن مسعود قال: سألنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن المشي مع الجنازة فقال: «دون الخبَبَ إن يكن خيرا يَعجّل إليه وإن يكن غير ذلك فبعدًا لأهل النار» الحديث.
قال أبو عمر: والذي عليه جماعة العلماء في ذلك الإسراع فوق السجيّة قليلا، والعجلة أحبّ إليهم من الإبطاء.
ويكره الإسراع الذي يَشقّ على ضعَفة الناس ممن يتبعها.
وقال إبراهيم النَّخَعي: بَطِّئوا بها قليلا ولا تَدِبُّوا دبيب اليهود والنصارى.
وقد تأوّل قوم الإسراع في حديث أبي هريرة تعجيل الدفن لا المشي، وليس بشيء لما ذكرنا.
وبالله التوفيق.
وأما الصلاة عليه فهي واجبَة على الكفاية كالجهاد.
وهذا هو المشهور من مذاهب العلماء.
مالك وغيره.
لقوله صلى الله عليه وسلم في النجاشي: «قوموا فصلّوا عليه».
وقال أصْبغ: إنها سُنة. ورُوي عن مالك. وسيأتي لهذا المعنى زيادة بيان في براءة.
وأمّا دفنه في التراب ودسه وسَتره فذلك واجب؛ لقوله تعالى: {فَبَعَثَ الله غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأرض لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ} [المائدة: 31].
وهناك يذكر حكم بنيان القبر وما يستحب منه، وكيفية جعل الميت فيه.
ويأتي في الكهف حكم بناء المسجد عليه، إن شاء الله تعالى.
فهذه جملة من أحكام الموتى وما يجب لهم على الأحياء.
وعن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسبّوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدّموا». أخرجه مسلم.
وفي سُنن النسَّائي عنها أيضا قالت: ذُكر عند النبي صلى الله عليه وسلم هالكٌ بسوء فقال: «لا تذكروا هَلْكاكم إلا بخير». اهـ. بتصرف يسير.

.قال الفخر:

قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الموت} يدل على أن المقتول يسمى بالميت وإنما لا يسمى المذكى بالميت بسبب التخصيص بالعرف. اهـ.
قال الفخر:
بين تعالى أن تمام الأجر والثواب لا يصل إلى المكلف إلا يوم القيامة، لأن كل منفعة تصل إلى المكلف في الدنيا فهي مكدرة بالغموم والهموم وبخوف الانقطاع والزوال، والأجر التام والثواب الكامل إنما يصل إلى المكلف يوم القيامة لأن هناك يحصل السرور بلا غم، والأمن بلا خوف، واللذة بلا ألم.
والسعادة بلا خوف الانقطاع، وكذا القول في جانب العقاب فإنه لا يحصل في الدنيا ألم خالص عن شوائب اللذة، بل يمتزج به راحات وتخفيفات، وإنما الألم التام الخالص الباقي هو الذي يكون يوم القيامة، نعوذ بالله منه. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ القيامة} فأجْرُ المؤمن ثواب، وأجر الكافر عقاب، ولم يعتدّ بالنعمة والبلية في الدنيا أجرًا وجزاء؛ لأنها عرصةَ الفناء. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ} أي تعطون أجزية أعمالكم وافية تامة {يَوْمُ القيامة} أي وقت قيامكم من القبور، فالقيامة مصدر والوحدة لقيامهم دفعة واحدة، وفي لفظ التوفية إشارة إلى أن بعض أجورهم من خير أو شر تصل إليهم قبل ذلك اليوم، ويؤيده ما أخرجه الترمذي عن أبي سعيد الخدري والطبراني في الأوسط عن أبي هريرة مرفوعًا: «القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران»، وقيل: النكتة في ذلك أنه قد يقع الجزاء ببعض الأعمال في الدنيا، ولعل من ينكر عذاب القبر تتعين عنده هذه النكتة. اهـ.

.قال ابن عطية:

{وإنما} حاصرة على التوفية التي هي على الكمال، لأن من قضي له بالجنة فهو ما لم يدخلها غير موفى، وخص تعالى ذكر الأجور لشرفها وإشارة مغفرته لمحمد صلى الله عليه وسلم وأمته، ولا محالة أن المعنى: أن يوم القيامة تقع توفية الأجور وتوفية العقاب. اهـ.

.قال الفخر:

الزحزحة التنحية والإبعاد، وهو تكرير الزح، والزح هو الجذب بعجلة، وهذا تنبيه على أن الإنسان حينما كان في الدنيا كأنه كان في النار، وما ذاك إلا لكثرة آفاتها وشدة بلياتها، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «الدنيا سجن المؤمن».
واعلم أنه لا مقصود للإنسان وراء هذين الأمرين، الخلاص عن العذاب، والوصول إلى الثواب، فبين تعالى أن من وصل إلى هذين المطلوبين فقد فاز بالمقصد الأقصى والغاية التي لا مطلوب بعدها.
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها» وقرأ قوله تعالى: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النار وَأُدْخِلَ الجنة فَقَدْ فاز} وقال عليه الصلاة والسلام: «من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليؤت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه». اهـ.

.قال القرطبي:

{وَأُدْخِلَ الجنة فَقَدْ فَازَ} ظَفِر بما يرجو، ونجا مما يخاف.
وروى الأعمش عن زيد بن وهب عن عبدالرحمن بن عبد رب الكعبة عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سَرّه أن يُزَحزَح عن النار وأن يدخل الجنة فلتأته منيّته وهو يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويأتي إلى الناس الذي يُحب أن يُؤتى إليه» عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها اقرءوا إن شئتم {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةِ فَقَدْ فَازَ}». اهـ.

.قال ابن عاشور:

وإنّما جُمع بين {زُحزح عن النار وأدخل الجنة}، مع أنّ في الثاني غنية عن الأوّل، للدلالة على أنّ دخول الجنة يشتمل على نعمتين عظيمتين: النجاة من النار، ونعيم الجنّة.
ومعنى {فقد فاز} نال مبتغاه من الخير لأنّ ترتّب الفوز على دخول الجنّة والزحزحة عن النار معلوم فلا فائدة في ذكر الشرط إلاّ لهذا.
والعرب تعتمد في هذا على القرائن، فقد يكون الجواب عين الشرط لبيان التحقّق، نحو قول القائل: من عرفني فقد عرفني، وقد يكون عينه بزيادة قيد نحو قوله تعالى: {وإذا مروا باللغو مروا كراما} وقد يكون على معنى بلوغ أقصى غايات نوع الجواب والشرط كما في هذه الآية وقوله: {ربنا أنك من تدخل النار فقد أخزيته} على أحد وجهين، وقول العرب: مَنْ أدرك مَرْعَى الصَّمَّان فقَدْ أدرك، وجميع ما قرّر في الجواب يأتي مثله في الصفة ونحوها كقوله: {ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا} [القصص: 63]. اهـ.

.قال الفخر:

الغرور مصدر من قولك: غررت فلانًا غرورًا شبه الله الدنيا بالمتاع الذي يدلس به على المستام ويغر عليه حتى يشتريه ثم يظهر له فساده ورداءته والشيطان هو المدلس الغرور، وعن سعيد بن جبير: أن هذا في حق من آثر الدنيا على الآخرة، وأما من طلب الآخرة بها فإنها نعم المتاع، والله أعلم. اهـ.

.قال القرطبي:

{وَما الحياة الدنيا إِلاَّ مَتَاعُ الغرور} أي تَغرّ المؤمنَ وتَخدَعُه فَيظُن طول البقاء وهي فانية.
والمتاع ما يُتمتع به وينتفع؛ كالفأس والقِدْر والقَصعة ثم يزول ولا يبقى ملكه؛ قاله أكثر المفسرين.
قال الحسن: كخضرة النبات، ولعب البنات لا حاصل له.
وقال قَتادة: هي متاع متروك توشك أن تضمحل بأهلها؛ فينبغي للإنسان أن يأخذ من هذا المتاع بطاعة الله سبحانه ما استطاع.
ولقد أحسن من قال:
هي الدارُ دار الأذى والقَذَى ** ودارُ الفناء ودارُ الغِيرَ

فلو نلتَها بحذافيرها ** لمُتّ ولم تَقْض منها الوَطَرْ

أيَا مَن يؤمّل طولَ الخلود ** وطُولُ الخلود عليه ضَرَرْ

إذا أنت شِبْت وبان الشَباب ** فلا خير في العيش بعد الكِبَر

والغَرور (بفتح الغين) الشيطان؛ يَغُر الناس بالتّمنية والمواعيد الكاذبة.
قال ابن عرفة: الغرور ما رأيتَ له ظاهرًا تّحبه، وفيه بَاطِن مكروه أو مجهول.
والشيطان غَرور؛ لأنه يحمل على محاب النفس، ووراء ذلك ما يسوء.
قال: ومن هذا بيع الغَرَر، وهو ما كان له ظاهرُ بيع يَغُرّ وباطنٌ مجهول. اهـ.

.قال الفخر:

اعلم أن فساد الدنيا من وجوه:
أولها: أنه لو حصل للإنسان جميع مراداته لكان غمه وهمه أزيد من سروره، لأجل قصر وقته وقلة الوثوق به وعدم علمه بأنه هل ينتفع به أم لا، وثانيها: أن الإنسان كلما كان وجدانه بمرادات الدنيا أكثر كان حرصه في طلبها أكثر، ولكما كان الحرص أكثر كان تألم القلب بسبب ذلك الحرص أشد، فإن الإنسان يتوهم أنه إذا فاز بمقصوده سكنت نفسه وليس كذلك، بل يزداد طلبه وحرصه ورغبته، وثالثها: أن الإنسان بقدر ما يجد من الدنيا يبقى محروما عن الآخرة التي هي أعظم السعادات والخيرات، ومتى عرفت هذه الوجوه الثلاثة علمت أن الدنيا متاع الغرور، وأنها كما وصفها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث قال: لين مسها قاتل سمها.
وقال بعضهم: الدنيا ظاهرها مطية السرور، وباطنها مطية الشرور. اهـ.

.قال في روح البيان:

قال بعض المشايخ:
العباد على قسمين في أعمارهم فرب عمر اتسعت آماده وقلت أمداده كأعمار بنى إسرائيل إذ كان الواحد منهم يعيش الألف ونحوها ولم يحصل على شيء مما تحصل لهذه الأمة مع قصر أعمارها ورب عمر قليلة آماده كثيرة أمداده كعمر من فتح عليه من هذه الأمة فوصل إلى عناية الله بلمحة. اهـ.

.قال ابن كثير:

يخبر تعالى إخبارًا عامًا يعم جميع الخليقة بأن كل نفس ذائقة الموت، كقوله: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ} فهو تعالى وحده هو الحي الذي لا يموت والإنس والجن يموتون، وكذلك الملائكة وحملة العرش، وينفرد الواحد الأحد القهار بالديمومة والبقاء، فيكون آخرًا كما كان أولا.
وهذه الآية فيها تعزية لجميع الناس، فإنه لا يبقى أحد على وجه الأرض حتى يموت، فإذا انقضت المدة وفَرَغَت النطفة التي قدر الله وجودها من صلب آدم وانتهت البرية-أقام الله القيامة وجازى الخلائق بأعمالها جليلها وحقيرها، كثيرها وقليلها، كبيرها وصغيرها، فلا يظلم أحدا مثقال ذرة؛ ولهذا قال: {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد العزيز الأويسي، حدثنا علي بن أبي علي اللِّهْبِيّ عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبى طالب، رضي الله عنه، قال: لما تُوفي النبي صلى الله عليه وسلم وجاءت التعزية، جاءهم آت يسمعون حسّه ولا يرون شخصه فقال: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} إن في الله عَزَاءً من كل مُصِيبة، وخَلَفًا من كل هالك، ودركًا من كل فائت، فبالله فثقوا، وإياه فارجوا، فإن المصاب من حرم الثواب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قال جعفر بن محمد: فأخبرني أبي أن علي بن أبي طالب قال: أتدرون من هذا؟ هذا الخضر، عليه السلام.
وقوله: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} أي: من جنب النار ونجا منها وأدخل الجنة، فقد فاز كل الفوز.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثنا محمد بن عَمْرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَوْضع سوط في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها، اقرؤوا إن شئم: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ}».
هذا حديث ثابت في الصحيحين من غير هذا الوجه بدون هذه الزيادة، وقد رواه بدون هذه الزيادة أبو حاتم، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، من حديث محمد بن عمرو هذا.
ورواه ابن مردويه أيضا من وجه آخر فقال: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، حدثنا محمد بن يحيى، أنبأنا حُمَيْد بن مسعدة، أنبأنا عمرو بن علي، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لموضع سَوط أحَدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها». قال: ثم تلا هذه الآية: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ}.
وتقدّم عند قوله تعالى: {وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ما رواه الإمام أحمد، عن وَكيع عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة، عن عبد الله بن عَمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحَبَّ أن يزحزح عن النار وأن يدخل الجنة، فلتدركه مَنِيَّتُه وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، ولْيَأْتِ إلى الناس ما يُحِبُّ أن يؤتى إليه».
وقوله: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ} تصغيرًا لشأن الدنيا، وتحقيرًا لأمرها، وأنها دنيئة فانية قليلة زائلة، كما قال تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: 16، 17] وقال تعالى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا مَتَاعٌ} [الرعد: 26] وقال تعالى: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل: 96]. وقال تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [القصص: 60] وفي الحديث: «واللهِ ما الدنيا في الآخرة إلا كما يَغْمِسُ أحدُكُم إصبعه في اليَمِّ، فلينظر بِمَ تَرْجِع إليه؟».
وقال قتادة في قوله: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ} هي متاع، هي متاع، متروكة، أوشكت-والله الذي لا إله إلا هو-أن تَضْمَحِلَّ عن أهلها، فخذوا من هذا المتاع طاعة الله إن استطعتم، ولا قوة إلا بالله. اهـ.